موضوع: قصة رعب بلا نهاية الثلاثاء مارس 24, 2009 5:59 am
قصة رعب بلا نهاية
-1- أصر زميلي (عادل) أن نقضي تلك الليلة الرهيبة في شقته. كانت الليلة السابقة لإمتحان مادة من أصعب مواد الكلية في هذه السنة وربما في كل السنوات.. الخوف من الرسوب دفعني للاستجابة لإلحاحه علي بأن نقضي الليلة في المذاكرة ومراجعة ما فاتنا. وإن كنت أعتقد أن مجموع معلوماتنا معا عن المادة لا تكفي حتى لإدراك درجة النجاح !
شيء ما يدفعنا لتأجيل مذاكرة المواد التي لا نحبها حتى الساعات الأخيرة ، وتمضي تلك الساعات في رعب وقلق .. لكن ما حدث لي تلك الليلة كان رعبا مختلفا ..
يسكن (عادل) في الطابق الرابع ولا يوجد في بنايته الصغيرة مصعد ، فكان علي أن أصعد السلم حاملا حقيبتي المليئة بالكتب والأوراق على ظهري . وصلت الطابق الرابع فوجدتني ألهث من التعب. دققت على باب الشقة وانتظرت حتى يفتح لي (عادل) .. وأخذت أتسلى بالنظر إلى السلم الذي صعدته فخيل إلي أنه أصعب سلم صعدته في حياتي.لم يكن هناك أي شخص يصعد أو ينزل ، ولا صوت في المبنى كله .
منذ قليل. فسألتها :" ألا تعيش معك بنت صغيرة هنا ؟ لقد فتحت لها الباب منذ دقائق قليلة" ووضعت الأنبوبة أمام الشقة وأنا أنتظر رد سؤالي لكنها نظرت لي في حيرة وقالت :"لا . أنا أعيش وحدي هنا .. لا أحد معي .. وليس هناك مفاتيح أخرى للباب غير هذا الذي معي".
لا بأس ، هذه المرة أنا في الصالة وباب الشقة مفتوح ، ساخرج من هذا المكان المجنون .. وقد عبرت الصالة عدة مرات من قبل في الظلام لذلك من المفروض أني لن أصطدم بشيء هذه المرة وأنا أجري مغادرا..
ولكني لا أعرف لماذا اصطدمت بهذا الشيء ؟ لم يكن هناك من قبل .. مددت يدي لاتحسسه فوجدته إنسانا ! أمسكني من ملابسي ومنعني من الخروج ..
وضاعت صرخاتي في ظلام الشقة وسكون الليل ..
ومع نهاية عبارتي الأخيرة انفتحت الأبواب الثلاثة بسرعة وظهرت من خلف الباب الأول الفتاة الصغيرة ، ومن الثاني المرأة الشابة ومن الثالث السيدة العجوز .. فلما رآهم (عادل) صرخ :"اجري ، اهرب بسرعة".. ونزل مسرعا على السلم وأنا خلفه أقول :"ماذا ؟ لماذا تجري هكذا ؟"
نظرت خلفي فإذا الثلاثة يجرون نحونا وقد استبدلوا بعيونهم كرات حمراء مشعة للتأكيد على أنهم ليسوا بشرا !
صرخت في (عادل) الذي كان ينزل على السلم أمامي :"أنا لا أفهم شيئا .. لماذا تطاردنا هذه الأشياء ؟" وصلت للدور الثاني وهو يصيح :"انزل بسرعة وسأشرح لك" ، نظرت خلفي فوجدت الثلاثة ينزلون خلفنا بسرعة كبيرة ، حتى السيدة العجوز كانت تجري على السلالم كأنها طفلة..
نزلنا دورين أو ثلاثة ، وقال (عادل) وهو يتابع النزول وأنا خلفه :"لقد اشتريت هذه الشقة من رجل شرير .. يقولون أنه أخذ الشقة ظلما من طفلة يتيمة ونسب مليكتها لنفسه ثم طرد الطفلة لمكان مجهول"
"لقد كان ثمن الشقة رخيصا ومناسبا جدا ، لذلك اشتريتها وأنا أعلم أنها مسروقة ، لكني قلت لنفسي أني إذا لم أشترها سيأخذها غيري وأنا أشتريها بمالي الحلال وليس من شأني أنها مسروقة أو لا.. هذا خطأ صاحب الشقة وليس ذنبي"
نزلنا دورين آخرين وتابع (عادل) :" لكني فوجئت بهذه الفتاة تظهر لي في منامي ، أراها في أنحاء الشقة ، في طريقي للكلية .. إنها تريد العودة لدارها وتعتقد أني سرقتها منها"
نزلنا دورا أخر. قال (عادل) :"بحثت بعد ذلك عن الفتاة كي أعيد لها حقها واتفق معها على ايجار الشقة أو نسوي الأمر بيننا ، لكني عرفت أنها ماتت !"
نزلنا ثلاثة أدوار أخرى وقد بدأت أتعجب ، قال (عادل) :"أصبحت الفتاة تظهر بصورة امرأة شابة وأحيانا سيدة عجوز ، إنها تريد أن تحيا عمرها الضائع في منزلها ، وهذا حقها.. ولكن ما ذنبي أنا ؟"
قلت ل(عادل) :" ألا تلاحظ شيئا غريبا ؟ لقد نزلنا أكثر من عشرة أدوار حتى الآن ولم نصل للدور الأرضي ، رغم أن عمارتكم أربعة أدوار فقط ! ما هذا العبث الذي يحدث هنا ؟"
قال (عادل) وهو يلهث :"استمر في النزول .. إن الفتاة تعاقبنا ، وسنظل ننزل هكذا بلا نهاية حتى نموت من التعب.. لقد كانت تهددني بالعذاب الأبدي كلما رأيتها.. ويبدو أن لحظة الحساب قد جاءت مبكرة ودون أن أتوقعها "
نظرت خلفي نحو الأشباح الثلاثة فإذا هم مستمتعون بالنزول خلفنا .. قلت ل(عادل) :"سامحني ، لقد كنت أنا السبب في هذا ، لم أسمع كلامك وفتحت لهم الباب". لم يرد (عادل) فقد كان الإرهاق قد بلغ به درجة كبيرة وهو يجري على السلم النازل إلى الأبد ..
أما أنا فلم استطع مواصلة الجري فوقفت وقلت صائحا :"إن هذا العقاب لك وحدك .. أنا لم أرتكب ذنبا .. لم أفعل ما يستوجب العقاب ، إن كان خطأي هو عدم تنفيذ تنبيهك فقد أخذت نصيبي من العقاب وجريت ما يكفي"
واستندت للحائط وأنا ألهث بينما مرت الأشباح الثلاثة بجواري دون أن تنظر إلي ، ولكنها عندما تجاوزتني التفتت إلى الفتاة وغمزت لي بعينها الحمراء !
واستمر (عادل) في النزول والأشباح من خلفه.. بعد قليل نزلت إلى الدور الأسفل لأنظر ماذا يجري فوجدت السلم قد عاد طبيعيا .. نزلت الدورين الآخرين وأصبحت في الشارع أخيرا ..
أوقفت سيارة أجرة وركبت فيها وأنا مذهول .. هل يمكن أن يخطيء المرء خطأ صغيرا فيظل للأبد يعذب به ؟ وماذا عن أخطائي العديدة والمتكررة ؟ إني استحق عذابا أكبر من هذا لو حسبتها..