أحداث القصة :-
تعرض الشاب العربي لحادث سير بسيط نقل على أثره إلى المشفى لتلقي العلاج جراء الحادث وقد كسرت إحدى ساقيه فيه..
الراهبة سمعتْ أنه يوجد عربي في المشفى , وهو مسلم ..
وهي تتمنى أن ترى هذا النوع من البشر الذي دائماً تحذرهم الكنيسة من التعامل معهم أو ممارسة أي نشاط تبشيري أمامهم..
لكن هذه الراهبة إنسانة مخلصة لدينها جداً .. وتود أن تخدم هذا الدين من أصعب الطرق وأخطرها حتى تكسب من الأجر الشيء الكثير ،، وهي شابة قوية مفعمة بالتحدي والقوة ، ولا تهاب أي شيء أبداً ، بل إنها دائماً تحب أن تفعل ما يعجز عنة الآخرون..
جاءت الراهبة الشابة إلى الشاب العربي وكانت قد شحنت نفسها بالقوة والعزيمة لتواجه وتنتصر على هذا العدو القوي والخطير وتجعله حسب مفهومها يتخلى عن بعض أفكاره الشريرة وإتباع الدين المخلص وهو الدين المسيحي.
أول حوار............... :::
الراهبة : مرحبا بك يا سيدي.
العربي : مرحبا بك آيتها الأخت.
الراهبة : آسفة جداً على ما أصابك..
العربي: لا تأسفي فهذا قدر وأنتِ لستي سبب أو طرف فيه..
الراهبة : يسرني أن أقدم لك كل ما أستطيع لأساعدك على تخطي ألمك..
العربي : شكراً جزيلاً لكِ .. ولكن لماذا أنا بالذات أليس كل من هنا يحتاج إلى المساعدة ؟!
الراهبة : نعم .. ولكن أنت عملي هنا وكل واحد من هؤلاء سيكون له شخص محدد ليساعده..
العربي : شكراً لك ويسعدني قبول المساعدة منك..
الراهبة : لا شكر على واجب فهذا واجبنا تجاه الرب والعذراء قدوتنا ونحن نكمل المسير لطاعة الرب يسوع ..
العربي : بصوتٍ خافتٍ ووجهٍ مبتسمٍ مليء بالثقة والأدب : الرب هو الله الذي لا إله غيره ، هو الذي خلق آدم وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد عليهم الصلاةوالسلام ، ومريم عليها السلام ، وهؤلاء كلهم عبيده أولاً وأنبياءه ثانياً .. وكل مَنْ على وجه الأرض وما تحتها ومن في الكون جميعاً إلا عبيده ويسبحون له..
الراهبة : هذا هوالله ربكم أنتم أما نحن .....
العربي : مقاطعاً لا تتسرعي لم أكمل كلامي بعد..
فسرد عليها القصص عن أنبياء الله عليهم الصلاة والسلام موسى وإبراهيم وعيسى ..وعن مريم عليها السلام وقصة بني إسرائيل بطريقة مختصرة وبتركيز على النقاط التي يؤمنُ بها المسيحيين وصحت في الرواية الإسلامية.
سمعت الراهبة كلام العربي وتسلل إلى قلبها وسيطر على عقلها بشكل غريب وتمكن منها لأنه صاغ كلامه بطريقة مثيرة وهادئة وبلغةٍ انجليزية قوية جداً مع اللكنة العربية التي تجعلها أكثرقدرة على الإقناع والسيطرة على العقول.
فجأة انتفظت الراهبة وكأنها تحللت من سحرٍ ،، أو أسرٍ شيطاني ..
مِنْ هذا العربي وخرجت من الغرفة بسرعة كبيرة دون حتى أن تودع العربي..
عادتْ إلى الدير ،، وفي مضجعها أظناها السهر وباتت تتقلب في فراشها والكلمات التي سمعتها من العربي تجول في رأسها وتسيطر على تفكيرها..
وبدأت الشكوك تراودها فقررت أن تذهب لشحن قلبها بالإيمان مرة أخرى لتحاول التخلص من هذه الوساوس التي زرعها فيها هذا المسلم العربي
ذهبت في الصباح الراهبة إلى محراب الغفران في الكنيسة لتعترف وتأخذ المغفرة من الكاهن وبدأت في سرد الوقائع للحكاية أمام الكاهن..
ودار هذا الحوار.
الكاهن : ماذا تقولي ؟ ..
ألم نطلب منكم عدم الاحتكاك بالعرب المسلمين وخاصة هؤلاء (الريدكاليين )
لم يكن مسمى إرهابي بعد يستخدم ضدنا..
الراهبة : ولكني أحاول أن أريه بعض مزايا ديننا وسماحته وأن أخلصه وأدله على طريق الخلاص..
الكاهن : هؤلاء الناس يعرفون ديننا أكثر من أي شخص آخر ولكنهم لايحبونه ولا يمكن أن يتركوا دينهم أبداً.
الراهبة : لماذا يا أبتي أليس ديننا أفضل من دينهم؟
الكاهن : نعم ولكن هؤلاء الناس أغبياء وهمج وجهلة وأشرار..
الراهبة: لابد أن لديهم عذر أو أن شيء غير واضح عندهم عن ديننا فهذا العربي شاب مثقف ومثير ومتعلم جداً ويتكلم بلغة تدل على أنه ليس من هؤلاء الذين تصفهم بالهمج والأشرار..
الكاهن : اسمعي .. إن كنتِ تريدين مغفرتي فلا تقابلي هذا العربي الشيطان أبداً ولا تكلميه ،، ودعي أي شخص آخر يعتني به أو دعوه يموت..
الراهبة : ولكن ياأبتِ ........
الكاهن : انتهى الحديث في هذا الموضوع ماذا تختارين؟
الراهبة : اختار مغفرتك يا أبتِ
الكاهن : قد غفرت لك بوركتي يا ابنتي..
بعد يومين مازالت الراهبة غير مقتنعة بما قاله الكاهن في الدير .. والفضول أتعبها وشل تفكيرها ..وتريد أن تذهب إلى العربي المسلم .. لتهزمه لأنها لم تتعود الخسارة أو الانسحاب أبداً..
في الصباح التالي أي بعد يومين من التفكير المستمر ذهبت الراهبة إلى العربي ودخلت الغرفة وملامح وجهها تشير إلى الخوف والحيرة والتحدي في آن واحد
ودار هذاالحوار بينها وبين العربي..
العربي : مرحباً أيتها الأخت
الراهبة : مرحباً يا سيدي .. كيف حالك اليوم ؟ - بصوت شاحب وخافت- ..
العربي : الحمد لله أنا في تحسن مستمر .. ولكن عندي سؤال لماذا غبتي عني يومين ألم تقولي إني عملك هنا؟
الراهبة: نعم ولكن – بتردد - لم أسترح إلى كلامك السابق.
العربي : هل أخطأت في شيء أو أسأتُ إليك دون علم ؟!! .. فأنا آسف ..
الراهبة : لم تسيء لي ولكنك أسأت في تصوراتك وإيمانك.. وكنت ستجرني معك إلى الخطيئة
العربي : على العموم أنا أعتذر منك .. ولكن أنا لم أجرك إلى الخطيئة بل أنتي من جاء إلى هنا لتبشري بدينك .. وأنا قبلت أنْ أسمع وأتعامل معك وعندما حان دوري لأريك الدين الذي أنا مؤمن به قلتِ إنني أجرك إلى الخطيئة..
صُدِمَتِ الراهبة من ذكاء هذا العربي ،، وحكمته ،، وحاولت تغيير الموضوع..
الراهبة : لماذا تضع خاتم في يدك ؟.. هل أنت متزوج؟
العربي : نعم ولدي أولاد أيضاً ..
الراهبة : أين هم؟
العربي : في بلدي.
الراهبة : حسناً إني ذاهبة..
العربي : أرجوك لا تذهبي .. أريد أن أكمل حديثي معك ولن أضايقك أبداً ..
الراهبة: لا لا .. لا أريد أن أكون طرف في حديث يجلب الذنوب والآثام…
العربي : لا أرى أي ذنوب في حديثنا .. أنا مقصدي أن أعرفك عن عقيدة ودين عدوك حتى تنتصري علية في الجولة القادمة.. وأنا أحسست أنك من النوع الذي لا يستسلم أبداً ..
الراهبة : يالك من إنسان صريح جداً إلى حد الوقاحة .. ولكنها وقاحة مشروعة ومحببة , ولكني وعدتُ الكاهن ألا أتحدث معك مطلقاً ، وإلا لن يغفر لي أبداً بعد اليوم..
العربي : الله وحده من يغفر الذنوب والخطايا وليس لعبد من عباده أن يقوم بهذا العمل وإلا لفسدت الأرض وشاع الخراب فيها..
وبدأ العربي في شرح هذا الدين العظيم لهذه الراهبة التي أراد الله أن ينور قلبها ويهديها إلى الإسلام
وبدأت تتردد عليه كل يوم في المشفى وتسمع منه القصص والحكايات والإعجاز الذي في هذا الدين سواء من كتاب الله أو سنة نبيه - صلى الله عليه وسلم - يوماً بعد يوم ..
إلى أن جاء وقت مغادرة العربي المشفى ..
قررت الراهبة أن تتخلى عن نذروها وأن تصبح إنسانة عادية لأنها أحبت هذا العربي ووقعت في غرامه فجاءت إليه في الصباح قائلة :
الراهبة : قررتُ التخلي عن نذوري وترك التدين..
العربي : لماذا؟
الراهبة : لأنني أحبك و أريد العيش معك.
العربي : لا يمكن أن يحدث هذا بهذاالشكل..
الراهبة : ألا تحبني؟!
العربي : ليس الأمر هكذا..
الراهبة : اشرح لي الأمر أرجوك..
العربي : إن الإسلام كرم المرأة .. ولا يسمح لنا ديننا الاختلاء بأي امرأة إلا وفق ضوابط حددها ديننا ليحفظ كرامة هذه المخلوقة الغالية..
الراهبة: بذهول وتعجب ما هي هذه الضوابط ؟
العربي : إما أن تكون من المحارم ( أي النساءاللاتي لا يمكن الزواج بها) أو تكون زوجة
الراهبة : ولكن أنت متزوج أصلاً ..
العربي : نعم وأحب زوجاتي .. ولكن ديننا يسمح بالزواج من أربع نساء شريطة أن نعدل بينهن ونكون بحاجة لهن جميعاً ..
الراهبة : تعرض علي الزواج؟
العربي : إن كنتِ لاتمانعين .. نعم ..
الراهبة : ولكني لست من دينك؟
العربي : الإسلام يسمح للمسلم الزواج من الكتابيات (أي اليهود والنصارى)
الراهبة : وهل يسمح للمرأة المسلمة من الزواج من غير المسلم؟
العربي : لا ... لا يسمح أبداً .. لأن للمرأة قيمة كبيرة وعزة كفلها الإسلام ...وإن تزوجت من غير المسلم .. فلن يعاملها المعاملة التي تحفظ كرامتها مثلما سيعاملها الزوج المسلم
استغربت الراهبة من كرم هذا الدين وعظمته وسماحته وعلوه وأسرت في قلبها حبه واقتناعها وإيمانها الكبير بهذا الدين ..
ووافقت على الزواج بالعربي ولكن اشترطت عليه ألا يجبرها على اعتناق الإسلام أبداً ..
وافق العربي على شرطها وتزوجها ولم يمر شهر إلا وأشهرت إسلامها بمنة وفضل من الله العلي القدير .. على يد العربي في أحد التجمعات الإسلامية التي كانت صغيرة جداً تلك الأيام في بريطانيا..
وعاشت عامين في لندن مع العربي ثم رحلت معه إلى بلده وعاشت في بيت واحد مع زوجاته الأخريات
وسمت نفسها مؤمنة بعد الإسلام وأنجبت للعربي بنت وولد ..
وتعلمت العربية بشكل سريع جداً حتى أنها حفظت بعض من القرآن الكريم..
وكانت تعلم أولادها منه..
عاشت مع العربي حوالي أربعة وعشرون عام..
وتوفيت هي وابنها في حادث مروري مؤلم في بلد العربي ..
وتوفي هذا العربي قبل أيام معدودة ... في أطهر بقاع الدنيا ... في مكة المكرمة..
ومازالت ابنته حية ترزق ..
وهي ...
وبكل فخر واعتزاز ...
راوية هذه القصة.........
******************************************
أرجو أن تنال هذه القصة إعجابكم ..
وأرجوا ألا أكون قد أطلت عليكم وأشعرتكم بالملل ولكني أُشْهِدُ الله أن هذا الحديث في هذه القصة التي روتها والدتي لي مراراً وتكراراً ..على مدى السنين ..
وقد اختصرت فيها قدر المستطاع حتى لا أفقدها جمالها ..
ولكن كل حرف فيها كان صادقاً وواقعياً وقد لمست حقيقته وواقعيته بنفسي .
وفي الأخير اسأل الله العلي القدير أن يرحم أبي وأمي وأخي وأن يسكنهم فسيح جناته وأن يلحقني بهم في الصالحين مع النبيين والشهداء والصديقين والصالحين اللهم آمين..
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين..أشكركم من أعماق قلبي وتفضلوا بقبول فائق الود والمحبة