شخصان ملامحهما تقول أنهما بالتأكيد من أرض الكنانة مصر....!
كان حديثهما يصلني واضحاً بلا عناء...كان محور حديثهما يدور حول المرأة وكيف تصل معها على الأقل إلى حل وسط...!
(قلت في نفسي حديث عن المرأة حتى هنا...! ألا يكفي الحديث عنها في داخلي)
((قال الرجل الأول : هم الستات دول عايزين يزلونا عشان الحاقات بتعتهم دي..منهم لله منهم لله...ربنا ينتئم منك ياهالة....ربنا ينتئم منك ياهالة...!
قال الثاني : ياراقل حرام عليك
دا الستات مخلوء ضعيف ورقيق (قلت في نفسي بستثناء زوجتي)إنت قررب معها الرقة والهداوة وحتشوف...
قال الأول : مش صحيح الستات دول صنف مش هين أبداً الوحدة منهم عايزة تاكلك وانت ساكت...لكن حتشوفي ياهالة حتشوفي ياهالة دنا حمشيكي على العقين متلخبطيهوش....!!))
قلت في نفسي لن أصبريبدو أني سأشارك معهم في النقاش....! فالهموم على مايبدو مشتركة والأهداف واحدة...!
ولم أكد أكمل كلامي حتى خرج الرجلان على عجل...
وعدت إلى شرب الشاي....
وعدت إلى تأمل ذاتي وواقعي ...
وتزاحمت الأسئلة طلباً للإجابة....
هل ما أنا فيه هو ما يسمى بالزواج ...؟
وهل هذه المرأة التي تقاسمني حياتي
وتقاسمني مكان نومي هي زوجة.....!!
هل كل الزوجات مثل هذه المرأة....؟
هل أخواتي يتعاملن مع أزواجهن بمثل هذه الطريقة.....؟
ياااه ...لا...لا يمكن ذلك أبداً أبداً..!!
إذن لفسدت الأرض ومن عليها...!
يوووه....ما أجمل تلك الوحدة التي كنت فيها....
.... كم كنت أعزباً متفائلاً جداً جداً...
حتى أصبحت زوجاً بائساً جداً...
وربما تائباً جداً جداً....!!
سبحان الله...
أنا الآن أعرف لماذا أردت أن أتزوج...
ولكن هذه المرأة لماذا
أرادت أن تتزوج.....؟
وما الذي تريده من الزواج....؟
أسئلة تصتدم بالواقع الذي أعيشه...؟
أسئلة ترتد إلى داخلي....
قبل أن تخرج...من داخلي...!!
أسئلة...أسئلة...هل ستبقى أسئلة...؟
رغم مضى شهور على زواجنا
إلا أني لم أحس بأني من(فصيلة) المتزوجين...
في كل يوم يمضي أحس بأنه يضيف نقطة أخرى لنقاط اختلافنا....!!
في كل موقف يمضي أحس بأنها تدق مسماراً آخر في نعش طلاقها.....
ترى ماسبب هذا الذي نحن فيه أنا أم هي أم تراها الطريقة في الاختيار....؟
آآه ليتني أضع يدي على مكمن الخلل
رن جوالي كان المتصل رئيسي في القسم ...
بعد أن رددت عليه السلام
قال بلهجة تدل على أن الأمر محسوم سلفاً: يجب أن تسافر في أقرب وقت ممكن هناك بعض الأعمال التي يجب أن تنجزها في القسم الآخر ولامجال لأن تعتذر أبداً...
لم يكن أمامي إلا أن أوافق...
أنهيت المكالمة..
ودفعت الحساب وخرجت من المقهى..
ذهبت إلى مشتل قريب...لأشتري شتلات نعناع صغيرة طلبتها والدتي مني كي أزرعها في حديقة المنزل....
اتجهت لمعرض الزهور فهوغير بعيد من بيتي أوقفت سيارتي ونزلت منها دخلت المعرض لمحت بعض النساء ينظرن إليّ...!!
قلت في نفسي قد تكون أرسلت خلفي العيون من أهلها لم آبه لهن اشتريت ما أريد من الشتلات وقفلت راجعاً لسيارتي ...
وصلت إلى البيت ودخلت
وضعت الشتلات في طرف الحديقة ناديت عليها بصوت عال زوجتي...زوجتي كي تساعدني وتشاركني في غرسها كنت أريد أن نتشارك في شيئ ما أن
اتقاسم شيئًا يشعرني بأننا شركاء حتى لو كان في غرس هذه الشتلات...كنت أريد أن نلتفي ونتقاطع في أي شيئ مهماكان...
قالت وهي تجلس على طرف جدار الحديقة شتلات ماذا...؟؟ شتلات ماذا...قلت : شتلات نعناع صغيرة....طلبتها...والدتي لكي أزرعها لها هنا...قالت: يوووه.....والله إنكم فاضيين بعد!!....لماذا كل هذا التعب والسوق مليئ بالنعناع....!!!
قلت: يا بنت الحلال تعالي ساعديني..واغرسي لك شتلتين...
قالت وهي تشير إلى يديها: آسفة حبيبي لقد وضعتُ لتو كريم مرطب على يدي ولا أريد أن تتسخ يداي...!!!!
قلت بعد أن أطلت النظر إليها: على راحتك...!!!
وبدأتُ في غرس الشتلات...
أَخذتْ تنظر إليَ وكأنها تنظر إلي شيء غريب...ثم قالت: لماذا لا تلبس قلفز (قفازات) سوف تتسخ يداك بالتراب...؟؟!!
قالت : تبوك لا لو بتروح لشرقية ممكن وأصلاً ما أقدر أروح عشان طالباتي في المدرسةبتأخر عليهم في المنهج وسيتأثر مستواهم...!!(قلت في نفسي أف يا المربية الفاضلة)
قلت : براحتك..لكن أعدي لي لوازم السفر....
قالت : وهي تسير إلى الغرفة حاضر....
من الغد : حملت حقيبتي وحملت أيضاً زوجتي (لكن بسيارتي) وأنزلتها في بيتهم..وودعتها اتجهت إلى المطار
حتى جاء شاب في بداية الثلاثينات وجلس بقربي بدأ بالسلام ورددت عليه بالمثل...
كان يبدو أنه اجتماعياً جداً فقد بادرني بأسألتنا المعتادة لدينا نحن العرب عندما نلتقي بشخص لأول مرة ولانتخلى عنها مهماحدث بل ربما هي التي تميزنا و تدل على عروبتنا ..!!
فبدأ يسألني عن اسمي وعن عائلتي ومدينتي وعن عملي وأنت ماشي....؟
سألني هل أنت متزوج....؟
كانت إجابتي قليل من الصمت وعيون فيها بعض الحيرة...!
بسرعة وقبل أن أتكلم قال: عرفت يبدوأنك (متوهق)فسكوتك هذا لا يدل إلا على أنك متورط....!
قلت : لا لا أبدا فأنا متزوج والحمدلله الأمور ماشية ولو إنها بالدف (وأنا أقول في نفسي هل وصل الأمر بي إلى حد أن الناس يعرفون حالتي من شكلي أمرٌغريب حقاً)...!!
قلت له : وأنت متزوج أم لا...؟
قال : كنت متزوجاً....لم يمض على إنفصالي عن زوجتي سوى شهر فقط....!
قلت في نفسي(شكلك بتفتح نفسي لطلاق)
سألته : ممكن أعرف سبب الطلاق أو يضايقك ذلك..؟
قال : لا على العكس تماماً أنا أريد أن أتكلم...!!
اسمع ياأخي
لقد تزوجت قبل ثلاث سنوات
ولم نرزق بأولاد طوال تلك المدة وبعد الكشف والفحوصات لكلينا
اتضح أن سبب عدم الانجاب منها....!
وأردت أن أتزوج بأخرى فرفضت ذلك وخيرتني بين أن أبقى معها وتكون هي زوجتي الوحيدة أو أن أطلقها...!!
قلت : أفف شكلها متأثرة (بجواهر وحمد)
ابتسم الرجل....وسألني لكن ماذا تقول عن وضعك مع عائلتك....؟
قلت : ياليتني أستطيع أن أحسم أمري مثلك...!!
فزوجتي ليست بالسيئة فأطلقها وليست بالجيدة فأبقيها....
قال: يبدو أنك شخص تتردد في أمورك كثيراً...!
قلت : لعلي كذلك ولكنه ياسيدي زواج ولابد أن تأخذ القرارات فيه وقتا كافياً من التفكير....
بعد أن تناولنا الشاي أعلن ملاح الطائرة انتهاء الرحلة مؤكدا على ربط أحزمة المقاعد
بعد قليل
استأذنت من صاحبي
وحملت حقيبتي ونزلت...
وكعادتي استأجرت سيارة من شركة بن هادي لتأجير السيارات
واتجهت إلى حيث السكن التابع لعملي...
في اليوم التالي ذهبت إلى عملي..
وحالما وصلت عرفت بأن أيام جلوسي ستمتد إلى عشرة أيام...هكذا قال لي مديري في القسم عندما قابلته وفي هذه الحالة لايمكنني إلا أن أتأقلم...!
خطرت ببالي فكرة
ونفذتها على الفور
اتصلت بخالتي وطلبت منها أن تأتي هي وأولادها عندي ليقضوا بعض الأيام هنا حيث سنذهب إلى مدينة حقل حيث الساحل والشاطئ الجميل..
بعد صمت قصير وبعد أن شكرتني أخبرتني بأنه لا يمكنها ذلك فابنتها جواهر لديها تقويم مستمر الآن ومن الصعب عليها أن تتغيب عن المدرسة....هذه الأيام...
خيرها في غيرها كان نهاية حديثنا....
أغلقت السماعة...
كان الوقت يمر ببطء...رتيب..!!
لكنه مرَّ.....وانقضت معه أيام جلوسي....هنا
كنت خلالها أتصل بوالدتي يومياً لسلام عليها ..ولأنعم بدعواتها...عليّ
وكانت المربية الفاضلة (زوجتي) تتصل بي بين الحين والآخر..
في أول مكالمة لي معها بعد وصولي إلى تبوك...
حدثتني قائلة....بعد السلام
حبيبي....صحيح فتحوا فرع (لـ سيتي بلازا)في تبوك الخبر في جريدة الرياض.....؟(أف يا الخبر المهمم)
لم تنتظر حتى أرد عليها...
حيث قالت : عندي لك مفاجأة حلوووة...!!
قلت : طيب حبيبتي قولي لي ماهي المفاجأة الحلوة....!
قالت: أمس حبيبي رحت لسوق واشتريت لي كم فستان حمل...!
قلت : ماذا...فستان حمل؟ماذا تقصدين ..! هل أنت حامل..؟
قالت : الله يسمع منك ياحبيبي... خسارة ياليت أكون حامل لكن أنا ودي أحس بإحساس الحامل لوشوي...!
وأنا متفائلة جداً جداً بفساتين الحمل.
(قلت في نفسي أما قال لك أحد بأنك ثقيل حتى على الأرض)
قلت: طيب كم بقي عندك من حبوب منع الحمل...؟
قالت: (بلهفة ليس هذا مكانها ((((هي>>>>>ودها الحبوب تنتهي أو ودها أصلاً أن ما فيه اختراع اسمه حبوب)))) شريط واحد بس....!
قلت في نفسي (وأنا..والله أعلم بقي في حياتي شريط واحد بس)
قلت لها...يا حبيبتي هل من الممكن أن ينتج المصنع من غير أجهزة وهل ن الممكن أن تنتج هذه الأجهزة من غير طاقة....
قالت : يووه ذكرتني بنوال مدرسة الكيمياء....!!
قلت : في نفسي وأنا ذكرتيني (ببرهومي) ولد خالتي...!!
قلت : يبدو أن أجهزة الإرسال البشرية لدينا ضعيفة جداً
قالت : هذا احترامك لزوجتك تشبهني بالجوال يعني لازم في كل مناقشة وفي كل موقف تقلل من قدري إذا كنت ناسي ترى أنا عندي خبرة4 سنوات في التدريس...!
(قلت في نفسي بل هي في التطفيش)....
انتهت المكالمة....
وانتهت معها الصفحة الرابعة عشرة من صفحات حياة زواجي